أتركني أختار الفصل الاول





في للية قارسة في مستقبل قاتم كقتامة ليالي الشتاء (عصر النفوذ والقوة) هذا هو الوصف الدقيق لهذا الزمن، تقلصت البشرية إلى المليار بعد أن تجاوزت العشرة في أواسط الألفية الثانية، يتوزعون في ثلاث أقاليم عملاقة الأميركتين  وأروبا سبقاً وهما اكبر أقاليم يعرف بالإقليم رقم واحد ثم غرب اسيا وافريقيا الإقليم رقم اثنان و يأتي بعده الإقليم رقم ثلاثة شرق اسيا وأستراليا كل إقليم تحكمها دولة لا يتجاوز عدد أعضائها الخمسين شخص، في هذا الزمن لا ترتقي حياة أي بشر عن حياة كلب ضال، أنتشر التشرد والجوع والمرض بين الفقراء، أصبح المعظم منهم يتجه إلى الدعارة أو بيع الأعضاء للبقاء على قيد الحياة، يعتمد الإنسان على الآلات في شؤون حياته.

 لنبحث معكم عن فرص عمل في هذا العالم، لا تحتاج هنا لاي  مواصلات سيارات قطارات وطائرات ومن هنا نحذف العمل فيها، غرف الانتقال الاني تقوم بهذا العمل وخلال لحظات لا أكثر ومن هذه التقنية الثورية تحول الزمن من زمن السرعة الى زمن اللحظة التي لا حاجه لليد العاملة فيه، مثل المطاعم المتاجر هنا فقد تقف عند شاشة تنقر طلباتك تحول المال ويخرج الطلب من العدم،  التنظيم والطبخ تقوم به الآلات، لا حاجه للعمل في المصانع مثل النجارة او النسج  لا حاجة لأعمال الفن لا تمثيل أو غناء أو عزف أو رقص الحواسب و الجرافيك والرسم الإلكتروني يقوم بالعمل مع خفض قيمة الإنتاج، لا حاجه للمزارعين تدار المزارع إلكتروني محميات تزرع وتسقى وتجنى محاصيلها من غير تدخل أي بشري، لا معلمين مؤسسات التعليم هنا تقوم على العالم الافتراضي خوذة ونظارات توضع على الطالب وهو في غرفته يتنقل بعقله خلال ساعة التعليم بين الصفوف والدروس والتجار ب وما الى ذلك، لا حاجه لرجال الأمن طائرات درون تحمل الكاميرات واشعة إكس في كل مكان تتجول و الكاميرات مثبته في كل الارجاء تخترق العوازل، يحمل كل شخص أجهزة تتبع تختلط مع انسجت الجسم تحقن بها منذ الولادة اي شخص يحاول فقط التجول في الشوارع لم تزرع فيه أو يحمل رمز دوله آخر من غير تصريح يعطاء الزائر عند دخوله الدولة يسري مفعوله لعدد ايام إقامته يقتل في مكانه من أحد الطائرات الأمنية. لا إطفاء الحرائق تخمد تلقائي في كل منزل لا كوارث مفاجئة مع أجهزة التنبؤ ولا جيش فالصواريخ يطلقها الحاكم من سريرة، هل نكمل باقي المهن؟ ثواني نسينا اهم مهنه على الوجود الام! بمجرد أن يخرج الانسان من أحشاء امه يُنسى أمره ويترك في حاضنة تتعامل معه وكأنه يسكن رحم امه حاجاته تصل اليه حتى قبل أن يفكر بأنه يحتاجها تمر السنوات ويتعلم الكلام والمشي كله بفضل عمل الالة التي لا تكل ولا تهدأ، هذا يكفي لا أعتقد أنك تود الاسترسال في هذا اعتقد انه وصلتك الفكرة، أذا كيف تجني مالك هنا لتعيش حياة كريمة معك مال لتستثمر في أحد تلك المشاريع تحتاج فقط أن تدير مشروعك على جهاز اتصالك من المنزل، طبيب يدير كل مستشفى، وزير يدير كل نظام يعيش في هذا العالم النخبة فقط.

في هذا الزمان القاسي يجلس الشاب وينشستر في زقاق بين مجموعة من الكلاب الضالة، يكاد لا يدرك وجوده احد بسبب الظلمة التي يلتف فيها في تباين وضح بينها و الاضاءة المجهرة لمدخل المطعم المكتظ، يراقب الخارج والداخل من محطة الانتقال إلى المطعم  والعكس، تستمر رحلتهم بضع خطوات إلا أن تتوقف في الصفوف أمام اجهزت الطالب، بعد عدة نقرات على الشاشة المتوهجة يدخل الرواد إلى الطاولة التي تضاء بأسمائهم يجلسون عليها دقائق ليظهر الطلب من العدم أمامهم، يراقب باهتمام معظم من تواجه طاولاتهم الحائط الزجاجي لواجهت المطعم ذو الطابقين، ينتظر اي قلب رحيم  يلتقط بقايا عشاءه قبل أن يختفي كما ظهر، ليلقي بها للكلاب الضالة حول المكان، ربما يتساءل احدكم اين رفاهية حاويات القمامة عند كل مطعم انها تعتبر البوفيه المفتوح لكل مشرد، لكن حتى هذه النعمة اختفت في هذا العصر، كانت بقايا الطعام تنتقل في حاويات عبر مصاعد الى غرف الانتقال الأني ومن ثم الى مصانع أعادة التدوير لتتحول إلى أسمدة أو طعام للحيوانات الأليفة أو تكدس لإنتاج الغاز، لا بقايا لأي مشرد يتضور جوعا، كان دين ينتظر منذ ساعات هنا يتبادل نظرات المنافسة بينه والكلاب وفي هذه الاثناء  يشد انتباه الشاب صوت مألوف لم يسمعه منذ أكثر من خمس سنوات، تجفل الكلاب هاربه مما تعتقد أنه خطر يهدد حياتها، الآن الفتى يتركز بصره على المكان الذي يعتقد أن الصوت يأتي منه يقف منتصبا وبعد دقائق تظهر أضواء السيارة تتأرجح مناورة ما يقف أمام مسيرتها يمنا وشمالا على تلك الطرق المهملة منذ ما يزيد عن المئتين عام

 تقترب ببطء شديد نحو المطعم، عندما تكون على بعد بضع أمتار يسمع صوت أطارها الثقوب، تتوقف السيارة على بضع خطوات منه تنزل من باب السائق شابه عشرينيه بجسمها الرشيق تكاد تطير من على الأرض مع قفزاتها المتحمسة يتطاير شعرها الأشقر الساطع ويتناثر مره أخرى على كتفيها ترتدي معطف بياقة وبريه وبناطل جينز مع بوت عالي الكعب يتبعها شاب من باب الراكب وبمجرد نزوله يهتم بترتيب كنزته الصوفية المزينة بالمربعات البنية والبيج تحت الكنزة بطال كاكي رمادي يمرر يديه على شعره الأشقر الداكن ويدور حوال السيارة ويقف أمام اطارها الخلفي، يتجادل الاثنان بما يوحي بأنه تكمله لما كان يحدث دخل السيارة، الشاب يحاول أن يقنع الفتاة بالعودة إلى المنزل عبر محطة الانتقال بجوار المطعم، تتحرك الفتاة الى جواره وتلقي نظرة على الإطار المثقوب وتعطيه بضع ركلات له "لا جاك لن اترك سيارة ابي هنا"  يسير الشاب بتجاه المحطة، تركض الفتاة لتقف أمامه تضرب الارض عدة ضربات وهي تلوح بيديها غاضبة "لن تتركني هنا وحدي" يتحرك جاك متجاهلا الوهج الغاضب "وانا لن ابقي ايام هنا بانتظار فني يشحن الخردة جو " تمسك جو بذراع جاك وتسحبه ليتوقف" ارجوك تعرف غضب ابي"

"لم أكن من اقترح الخروج بالسيارة تحملي مسؤولية تصرفاتك يا حمقى" تحمل جو جهاز الاتصال في وجه جاك" نعيد الاتصال ربما يرد" ترفعه بعيدا قليلا كما لو كانت تريد أن تلتقط صوره سلفي في زمننا الحالي تتمتم كلمات وأرقام تتوهج أضواء خضراء مزرقة على جميع أجزاء جسدها تتوقف عن التوهج وترتسم أضواء أخرى على بعد سنتمترات من الجهاز تبدا من الأرض وترتفع بارتفاع رجل بالغ تتراقص على شكل الحمض النووي وتبرق بعدت ألوان، جو منهمك بتتبع الضوء وجاك يشتكي "نعم وإذا حلفك الحظ ورد عليك الفني ننتظر هنا إلى أن يأتي... أقرب مرآب على بعد ايام من هنا... اللعنة"

تنظر جو الى اخيها "لا نقول له أن ينتقل ربما العطل لا يحتاج إلى سحب السيارة وحتى لو اضطررنا نبرم العقد ونتركها بعهدته" يتنهد جاك ويومي بالموافقة، دين المتابع الشغوف بالحدث يعرف تماما مقدار الورطة التي وقع فيها الشابين، فلقد كان من الميكانيكيين النادرين بسبب ندرت السيارات، جميع تلك المواصلات القديمة تم الاستغناء عنها الان لن هيكله المعدني لا يسمح له بالانتقال الاني والانه والاهم لا حاجه لها الآن الانتقال أسرع والبيئة على حافت الانهيار ولن تسمح الدول إلا لعدد محدود  باقتنائها بشرط صيانتها الدورية المكلفة جدا، ويعلم أيضا أن الكراجات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة في جميع البلاد أو ربما العالم بأسرة، بتأكيد يعرف لقد عاش منذ طفولته بين تلك السيارات يتعلم المهنة من والده قبل أن يطرد من المنزل في سن الثامنة عشر، الأن يعتبر دين نفسه أكثر الرجال حظا أن تسوق الأقدار هذان الثنائي إليه فرصة لا تقدر بثمن، وهو يرى الان قلق الفتاة بسبب عدم الرد على اتصالها ينهض متردد للوصول إلى الشابين، عنده يسمع صوت " لا لن اسمح لك الوقت هذا لي منذ أكثر من أسبوع لم ترفع انفك من فوق ذاك المحرك"  كانت هناك امرأه سوداء البشرة ممتلئة الجسم قصيرة تجمع شعرها الأسود فوق هامت راسها بمنديل أبيض وحلقان على شكل هلال يلمعان بالفضي على عنقها تتمسك بذراع رجل في أواخر الأربعينيات طويل ونحيل بلون بياض شاحب وشعر خفيف يتراجع قليلا عند مقدمة راسه ويرتفع عنها بالكثير من سنتمترات وهو يحاول أن يقنعها بأن العطل بسيط ولن يحتاج إلى الا بضع دقائق، يتراجع دين عن الاعتقاد بوفرة حظه كيف يجتمع ميكانيكيان في نفس الوقت رغم ندرتهما، يسرع دين الخطى بتجاه السيارة لن يحتاج الرجل للعمل أكثر من حاجته فهو لم يأكل منذ أيام بمجرد الوقف بجانب السيارة يسارع دين بالحديث "استطيع إصلاحها" تشد تلك الكلمات كل من كان مهتم بالحدث، الشابين والرجل والمرآه على بعد أقدام من المكان، تفتح جو عيناه بالدهشة والسرور وتتعثر بتجاه دين كمن نزل عليه المطر بعد اسبوع في الصحراء، "كم تحتاج للعمل عليها" بلمح البصر وقبل أن يرد دين يقف جاك بجوار جو، ينظر من فوق إلى تحت بازدراء إلى دين "انظري إليه له تثقين بمشرد حقا" وهو ينظر بينها ودين، بالطبع لن يثق احد بمشرد هزيل رث لإصلاح سيارة نادره تقدر بالملايين النقاط، يلاحظ دين تحرك الرجل المنافس نحوهم" لا أريد مال فقط بعض الطعام" نعم طعام لم يكن يمتلك حساب مصرفي لإيداع المال وبتأكيد لن تحمل الفتاة نقد وحتى لو كانت لن يقبل منه لقد أصبحت العملة النقدية تراث لا يتعامل به احد، يتفرج عليه في المتاحف ،  ينظر بطرف عينه الى الرجل القادم الذي  توقف الان بسبب ازعاج المرآه معه

" اتفقنا" يحتج جاك" جو" ترد وهيا تتسابق نحو المطعم متجاوزتا الرجل مع المرآه أمامها "هل عندك حل آخر جاك "تصرخ بهذه الكلمات، يفضل جاك الصمت فهي على حق لا يوجد، يتجه دين إلى صندوق سيارة ليخرج العجل الاحتياطي و عدة العمل تحت أنظار جاك المستغرب من مهارة المشرد أمامه! فهو لم يعلم حتى أن العجل و المعدات معهم، يفك وبربط دين تحت المراقبة الصارمة من الشاب والرجل الواقف فوقه الان، قبل أن تخرج  جو من المطعم يكون قد انتهاء من عمله، يحمل العجل المثقوب ويضعه في صندوق السيارة، يلتفت مواجه للشاب وارجل بابتسامه معديه تتألق عيناه الواسعتان تحت الأضواء ببريق يعكس خضرتها، ينظر الرجل الى دين من اعلا إلى أسفل يعيون تأكل جسد الشاب المشرد عيون واسعه وجذابه جسد ووجه خرجا من لوحة فنان ذاع الصيت من الزمن الغابر كل شي فوق المثالي امير ينتظر تتويجه ملكا  يلتوي فم الرجل بابتسامه مائله خبيثة يمد يده ليصافح دين " أليستر" يبادله دين المصافحة ويعرف عن اسمه، يخرج الرجل قلم تتسع أعين الحضور لم يشاهدوا قلم منذ أعوام، يمسك بكف دين ويخربش احداثيات  "مكان ورشتي إذا كنت مهتم بالعمل" اليوم هو يوم سعد دين بالتأكيد، أستفاق حظه النائم منذ وفاة والدته، يومي دين بطفولية وتزدد أشرق ابتسامته

" أذا لنا لقاء يا فتى"  يربت الستر على كتفه، يتجه نحو المرآه الواقف بالقرب منهم ويمسك بيدها يسحبها نحو المطعم "ماذا حدث منذ قليل" مستنكرة وتحاول التملص من قبضته، يسحبها ويلف ذراعه حول كتفيها "ماذا ألم تكوني تشكي ابتعادي عنك - وجدت الحل مساعد" وهو يغمز لها ويبتسم، تعود الفتاة تحمل معها وجبه من الحجم العائلي قد تكفي دين أكثر من يوم، تسلم دين الطعام مع ابتسامه "لم نتعرف" تمد يدها تجهه، يصافحها "دين " تشرفنا دين "جو " تتحرك إلى السيارة مع جاك تكاد تحلق من السعادة، قبل أن تركب تلوح إلى دين وتنطلق، يقف وينشستر في مكانه إلى أن تختفي السيارة عن نظره يحمل صندوق الوجبة تعلو وجهه ملامح غبيه يحاول تجميع ما حدث معه، عشاء ووظيفه في ليلة بعد تشرد خمس سنوات، يعيد دين إلى الواقع صوت جرو يدور حوله يبتسم له ويلتقط قطعة لحم ويرمي بها نحوه، يتحرك إلى مخبأه تحت الجسر في المدينة القدمة، المدينة التي اعتقدت البشرية من مئات السنين أن اعادت هيكلتها الى ما تحتاجه مدن هذ الزمان يعد هدر للطاقة والمال وكان الاصلح تركها للنسيان وتأثير مرور الدهر عليه، هناك يستطيع دين أن يستمتع بتناول طعام صالح للاستهلاك البشري بهدوء فهو لا يريد اي تصارع مع الكلاب.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صدقني الفصل الأول

اتركني اختار !